القائمة الرئيسية

الصفحات

 



-------------------------------------------------

على الرغم مما قدمته الدولة الأموية من مآثر وما كان لها من أياد بيضاء على الإسلام وتاريخه وحضارته، إلا أنها أكثر الدول التي تعرضت للهجوم والتشويه ! 

وكثير من هذا الهجوم كان نتيجة مقارنتها بعهد الخلافة الراشدة، والأكثر منه ما كان معتمدا على النظرة غير الصحيحة السائدة عن سيدنا معاوية رضي الله عنه .

كان بنو أمية يفتحون البلاد في أربع جهات على البر، بخلاف فتح جزر البحر المتوسط، وبلغت دولة الإسلام أقصى اتساع لها -كدولة واحدة- في ظل الأمويين .

وكانت ذروة الفتوحات الإسلامية في عهدهم ويستطيع القارئ للتاريخ القول بأن الفتوحات الإسلامية قد توقفت تقريبا منذ زوال الدولة الأموية .

 ☆ تم فتح المغرب والأندلس على يد القادة : 

عقبة بن نافع وحسان بن النعمان وموسى بن نصير،وطارق بن زياد؛ ومن ورائها فرنسا على يد عبد العزيز بن موسى بن نصير والسمح بن مالك الخولاني وعبد الرحمن الغافقي .

 ☆ وسارت الفتوح في الشرق في بلاد ما وراء النهر حتى الصين بقيادة قتيبة بن مسلم الباهلي.

☆ وفي الجنوب الشرقي حتى السند بقيادة المهلب بن أبي صفرة ومحمد بن القاسم الثقفي.

☆ وفي الشمال وبلاد القوقاز بقيادة مسلمة بن عبد الملك ومروان بن محمد. 

☆ ولم تتوقف تقريبا في عهدهم الحملات الموجهة لآسيا الصغرى ( الأناضول) في مواجهة البيزنطيين و محاولات فتح القسطنطينية .

👌 هؤلاء القادة هم الذين رسخوا الوجود الإسلامي في تلك المناطق وكانت فتوحاتهم تتميما وتكميلا لما سبقها من فتوح في عهد الراشدين، وتأسيسا لدخول هذه المناطق في الدولة الإسلامية بشكل نهائي .. [*د. حسين مؤنس: أطلس تاريخ الإسلام - ص130 وما بعدها].

وقد جرت في كل تلك الفتوح أعمال من أندر وأروع ما يمكن أن يكتب في تاريخ البطولة والأبطال، وقدم الفاتحون نماذج لا مثيل لها في الجهاد والبذل والتضحية والإخلاص.

 وما استطاع أحد بعد بني أمية أن يسطر في الفتوح تاريخا كتاريخهم، ولا حتى تاريخا يقاربهم.

و لقد ظلت الدولة الإسلامية دولة واحدة في عهد الأمويين، وهو ما لم يتوفر لدولة من بعدهم أبدا ! 

 إذ في العصر العباسي و ما تلاه كثرت الاستقلالات الذاتية للولايات والمناطق لا سيما البعيدة، وخصوصا في أوقات ضعف الخلافة المركزية...

بعكس الحال في عهد بني أمية إذ ظلت الدولة متوحدة يملك خليفتها في دمشق أن يعين الوالي أو يعزله في الأندلس غربا أو في بلاد ما وراء النهر شرقا، وما إن انتهت الدولة الأموية حتى كأنها على موعد مع انتهاء الدولة الإسلامية الواحدة.

فما إن استقرت الدولة العباسية في عهد المنصور إلا وكانت الأندلس قد خرجت من سيطرته حيث استقل بها الفتى الأموي عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك، الذي عرف باسم "عبد الرحمن الداخل" ولُقِّب بـ "صقر قريش". 

وقد استطاع الداخل أن يعيد مجد الأمويين في المغرب بعد زوال دولتهم في المشرق وأنقذ الوجود الإسلامي في الأندلس من الضياع بعد أن كانت الحالة الأندلسية قد تقسمت بين العصبيات والقبليات من ناحية، وأرهقتها الحروب التي اشتعلت مع الفرنج خارجيا ومع الخوارج داخليا.

 استطاع ذلك الفتى الأموي بناء الدولة الإسلامية في الأندلس وجعل قرطبة الغرب قرينة بغداد الشرق.

ثم ما لبثت المغرب أن انفصلت وخرجت عن سلطان الخلافة، ونشأت فيها دول للخوارج، استقلت بالمغرب الأقصى والأوسط، ولم تستطع الخلافة العباسية إلا مد نفوذها حتى المغرب الأدنى وإفريقية (تونس الآن)، وذلك في أقوى عهودها: المنصور والمهدي.

 ثم كان للرشيد أسلوب آخر في إدارة الولايات البعيدة يشبه النظام الفيدرالي المعاصر، فعهد بإفريقية إلى الأغالبة، وبخراسان إلى الطاهرين.. واستمر هذا النظام فيما بعد.

على أن الشاهد المقصود هو أن الدولة الإسلامية الموحدة تحت خليفة واحد انتهت مع الدولة الأموية التي استطاع خلفاؤها أن يجمعوا تحت رايتهم كل أبناء الأمة الإسلامية شرقا وغربا.

وفي عهد الأمويين تم تعريب الدواوين و توحيد لغة إدارة الدولة في كافة أقاليمها على اختلاف ألسنتها !!

لقد ظلت الدواوين الإدارية تكتب بغير العربية [بخلاف ديوان العساكر أو الجند الذي كان يُكتب باللغة العربية منذ تأسيسه في عهد عمر بن الخطاب]، بل بلغة البلاد المفتوحة،

 ففي مصر كان الدواوين تكتب باللغة القبطية حتى بعد الفتح، وفي العراق وفارس تكتب بالفارسية وفي الشام تكتب بالرومية (اليونانية) وهكذا، حتى أمر عبد الملك بن مروان ثم الوليد بن عبد الملك بتحويل الدواوين إلى اللغة العربية [*المقريزي: الخطط 1/282، وابن خلدون: تاريخ ابن خلدون 1/244].

وكان لهذا القرار تأثير واسع في انتشار وثبات اللغة العربية في البلاد المفتوحة، وساهم في إقبال غير العرب على تعلمها واستيعابها، وهو ما أدى إلى النهضة باللغة العربية وجعلها لغة العلوم والحضارة فيما بعد [بالإضافة إلى ما في الإسلام نفسه من حث على تعلم العربية لضرورات العبادة والتفقه في الدين].

 ويكفي أن نعلم أن البلاد التي ثبتت فيها اللغة العربية لم يخرج منها الإسلام أبدا إلا في حالة واحدة وهي "الأندلس"، وحسبك بهذا وحده حسنة من حسنات الدولة الأموية.

كما كان لهذا القرار أثر عميق على توحيد الدولة توحيدا حقيقيا وراسخا وليس مجرد انضواء تحت سلطة سياسية واحدة، ولا حتى توحيدها ماليا وإداريا فحسب. 

إن مثل هذا القرار مَكَّن الأجيال التالية عبر القرون أن تنتقل من الأندلس غربا إلى أقصى الشرق تطلب العلم أو تطلب الرزق دون أن تعترضها حواجز اللغة.

وحين تتكلم هذه الأقطار الواسعة لغة واحدة تفكر بها فتقول وتخطب وتكتب وتؤلف بها فلابد أن نتوقع ثراءً لا محدودا وإسهامات غنية من الشرق والغرب والشمال والجنوب وما بينهما، وبهذه الإضافات كانت الحضارة الإسلامية أكثر الحضارات ثراء وخصوبة.

ولئن كنا نتذكر فضل الخليفة العباسي المأمون على الحضارة الإسلامية كأوسع خليفة تمت في عهده حركة ترجمة العلوم إلى العربية، فلا بد أن نتذكر قبله بالفضل عبد الملك بن مروان الذي أسس لسيادة اللغة العربية نفسها .

فمن ثم نشأت الحاجة إلى ترجمة العلوم إليها، فلم يضطر المسلمون إلى الخروج من ذواتهم وهويتهم حين أنشأوا الحضارة بل احتفظوا بأصالتهم فاستوعبوا حضارات من قبلهم ثم أضافوا إليها فأبدعوا.

                            -------------------

🔸 إبن حزم يعدد فضائل الدولة الأموية :


فيقول : "وكانت دولة عربية. لم يتخذوا قاعدة [أي لم يتخذوا مدينة ملكية]، إنما كان سكنى كل امرئ منهم في داره وضيعته التي كانت له قبل الخلافة....

 ولا أكثروا احتجانَ الأموال ولا بناءَ القصور [الاحتجان: جمعُ الشيء وضمُّه إليك. ابن منظور: لسان العرب 13/108]، 

ولا استعملوا مع المسلمين أن يخاطبوهم بالتمويل [أي لم يلزم الخليفةُ الناسَ أن يقولوا عند مخاطبته: يا مولاي.] ولا التسويد [أي أن يقولوا: يا سيدي]،

 ولا أن يُكاتبوهم بالعبودية والمُلك [أي أن يكتبوا إلى الولاة والوزراء بقولهم: من الملك، أو من السيد إلى العبد أو المولى]... 

ولا تقبيل الأرض ولا رِجْلٍ ولا يَدٍ [كان من عادة خلفاء الدول من بعد بني أمية، ومما يُعَدُّ من الآداب السلطانية أو "البروتوكول الرسمي" -بمصطلح هذه الأيام- أن يُقَبِّل الناس يد الخليفة، وبعض الدول كان الناس يُقَبِّلون الأرض بين يدي الخليفة].

 وإنما كان غرضهم الطاعةَ الصحيحة من التولية والعزل في أقاصي البلاد، فكانوا يعزلون العمَّال، ويولُّون الآخرين في الأندلس، وفي السِند، وفي خراسان، وفي أرمينية، وفي اليمن، فما بين هذه البلاد.

وبعثوا إليها الجيوش، وولَّوْا عليها مَنِ ارتضوا من العمال، وملكوا أكثر الدنيا، فلم يملك أحد من ملوك الدنيا ما ملكوه من الأرض، إلى أن تغلَّب عليهم بنو العباس بالمشرق، وانقطع بهم ملكهم.

 فسار منهم عبد الرحمن بن معاوية إلى الأندلس، وملكها هو وبنوه، وقامت بها دولة بني أمية نحو الثلاثمائة سنة، فلم يكُ في دول الإسلام أنبل منها، ولا أكثر نصرًا على أهل الشرك، ولا أجمع لخلال الخير" .. [ابن حزم: رسائل ابن حزم 2/146]".

(* هذا الجزء أعلاه مقتبس من الكاتب محمد إلهامي - موقع طريق الإسلام ... بعض التصرف) 

🔹️ ويعدد ابن كثير فتوحات محمد بن القاسم و غيره من القادة شرقا و غربا في عهد بني أمية ثم يعلق قائلا :

{ فكانت سوق الجهاد قائمة في بني أمية ليس لهم شغل إلا ذلك، قد علت كلمة الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها، وبرها وبحرها. وقد أذلوا الكفر وأهله، وامتلأت قلوب المشركين من المسلمين رعبا، لا يتوجه المسلمون إلى قطر من الأقطار إلا أخذوه. وكان في عساكرهم وجيوشهم في الغزو الصالحون والأولياء والعلماء من كبار التابعين، في كل جيش منهم شرذمة عظيمة ينصر الله بهم دينه.} *

  (*البداية والنهاية ج9 ص104)

--------------------------------------------------------------------

              🔹️ حول إنصاف الفقهاء للأمويين :


إن محاولة الفقهاء إنصاف الأمويين في بحوثهم التاريخية لا تعني أبدا محاباتهم الأمويين، أو تزييف التاريخ لصالحهم، فكما كشف هؤلاء الفقهاء زيف كثير من الروايات التي تهاجم الأمويين، كشفوا أيضا وضع بعض الروايات التي تعني من شأنهم وتمجيدهم، فقد كان هدفهم تقصي الحقيقة، لا الانتصار لفريق على آخر....

فقد نبه ابن الجوزي في كتابه الموضوعات على بعض الأحاديث التي وضعها أنصار الأمويين في فضائل معاوية رضي الله عنه (1).

 كما انتقد الحافظ ابن حجر رحمه الله إيراد مثل هذه الأحاديث، وقال ابن كثير بعد أن أورد بعض ما صح من الأحاديث في مناقب معاوية –رضي الله عنه: "وَقَدْ أَوْرَدَ ابْنُ عَسَاكِرَ بَعْدَ هَذَا أَحَادِيثَ كَثِيرَةً مَوْضُوعَةً، وَالْعَجَبُ مِنْهُ مَعَ حِفْظِهِ وَاطِّلَاعِهِ كَيْفَ لَا يُنَبِّهُ عَلَيْهَا وَعَلَى نَكَارَتِهَا وَضَعْفِ رِجَالِهَا" (2).

وقد لفتت ظاهرة إنصاف الدولة الأموية عند بعض الفقهاء الذين كتبوا في التاريخ أنظار بعض الباحثين، غير أن بعضهم فسرها تفسيرا بعيدا، لما وجدها في أعمال بعض علماء الأندلس كابن حزم وابن العربي، فذهب إلى أنها ظاهرة أندلسية جاءت نتيجة تأثير خلافة الأمويين التي كانت هناك فيقول : 

"نجد هذه الأخبار (أي المظهرة لفضائل الأمويين) متواردة في معظم كتب التاريخ التي كتبت في الأندلس، وأظهر مثال لذلك أبو محمد علي بن حزم، الذي يدافع عن الأمويين دفاع عظيما، وأبو بكر بن العربي الذي ذهب في كتاب العواصم من القواصم إلى درجة أنه أيَّد يزيد في قتله الحسين بن علي –رضي الله عنهما، وتتضح هذه الظاهرة في كتاب في التاريخ لم ينشر بعد لعبد الملك بن حبيب الفقيه الأندلسي، فقد ملئ كتابه هذا بفضائل الأمويين والتعصب لهم " (3).

إن من أهم ما يعكر صفو هذه الرؤية أن الأسماء التي ذكرها الباحث كلها من أسماء الفقهاء، وأن هذه الظاهرة لم تمتد لتشمل غيرهم من المؤرخين والأدباء الأندلسيين، فهناك دراسة لابن عبد ربه الأندلس في كتابه العقد الفريد، سار فيها على نهج مؤرخي وأدباء المشرق، فجاءت بعض رواياته مملوءة بالتشنيع على بني أمية....

وقد كان ابن عبد ربه أحد مواليهم، وإذا كان التأثر بالأمويين في الأندلس هو الدافع لكتابات ابن حزم وابن العربي، فما الداعي إلى ظهور نفس الظاهرة من إنصاف الأمويين عند فقهاء آخرين لم يدخلوا تحت سلطان الأندلس كمثل: ابن تيمية والذهبي وابن كثير وابن حجر وغيرهم ؟؟ (☆)

                        ------------------------

          🔹️ ابن تيمية وكتابته عن الدولة الأموية :


يحتوي كتاب منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية لشيخ الإسلام ابن تيمية على نظرات نافذة في التاريخ الأموي، تنشد العدل والإنصاف، وتليق بتلك العقلية النابهة لشيخ الإسلام، التي ترفض التقليد والجمود وتؤثر التفكير والاجتهاد.

يتعقب ابن تيمية شبهات الشيعة والمعتزلة عن الأمويين ويناقشها ويرد عليها، ومن أبرزها الشك في جدية إسلام بعض كبار الأمويين بدعوى أنهم من الطلقاء، الذين أسلموا بعد الفتح، لما لم يكن أمامهم غير الإسلام... فيرى ابن تيمية إن كلمة الطلقاء ليست بصفة ذم، فإن الطلقاء غالبيتهم حسن إسلامهم، وكانوا من خيار المسلمين، ومعاوية ممن حسن إسلامه ( 4). 

وكذلك حسن إسلام أبيه أبي سفيان بن حرب وأمه هند بنت عتبة (5)، وقد أصبحت مكانة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه عظيمة في الإسلام منذ عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه (6).

ويرد ابن تيمية الأحاديث الموضوعة التي يزعمها أعداء الدولة الأموية في ذم بني أمية على لسان الرسول صلى الله عليه وسلم (7)، وقد استعمل النبي صلى الله عليه وسلم بعضهم على بعض ولاياته (8).

وينص ابن تيمية على العلاقة الوثيقة بين بني أمية وبني هاشم، فهما ينتميان معا إلى جد واحد هو عبد مناف، وما زالوا متفقين في أيام النبي صلى الله عليه وسلم وفي إمرة الشيخين (9)،

 ولما وقع القتال بين علي ومعاوية رضي الله عنهما كانا أطلب لكف الدماء من أكثر المقتتلين، فقال: "وَكَانَ عَليّ وَمُعَاوِيَة رَضِي الله عَنْهُمَا أطلب لكف الدِّمَاء من أَكثر المقتتلين لَكِن غلبا فِيمَا وَقع والفتنة إِذا ثارت عجز الْحُكَمَاء عَن إطفاء نارها" (10). وكان لكل فريق من المتحاربين وجهة نظره المتأسسة على دلائل شرعية (11).

ولما يبحث ثورة الحسين بن علي رضي الله عنهما، يرى أنه قُتل مظلوما شهيدا، غير أن يزيد بن معاوية لم يأمر بقتاله، ولكن كتب إلى ابن زياد، أن يمنعه عن ولاية العراق، ويحمِّل أهل العراق وجيش ابن زياد مسئولية قتله، ولما بلغ ذلك يزيد أظهر التوجع على ذلك، وأظهر البكاء في داره، ولم يسب له حريما أصلا (كما يزعم الرافضة)، بل أكرم أهل بيته وأجازهم حتى ردهم إلى بلدهم (12).

ورغم ذلك فإن ابن تيمية يرى أنه لم يكن في خروج الحسين –رضي الله عنه- على يزيد مصلحة لا في دين ولا في دنيا، وكان في خروجه وقتله من الفساد ما لم يكن يحصل لو قعد في بلده، وينفي كثيرا من مبالغات الشيعة في قصة استشهاده.

فبعد أن ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية مشورة أفاضل أهل العلم والدين كابن عمر وابن عباس وأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام رضي الله عنهم أَن لَا يخرج وَغلب على ظنهم أَنه يقتل حَتَّى أَن بَعضهم قال: أستودعك الله من قَتِيل، وقال بعضهم: لولا الشناعة لأمسكتك ومنعتك من الخروج، وهم بذلك قاصدون نصيحته طالبون لمصلحته ومصلحة المسلمين...

فيقول ابن تيمية :

 "وَالله وَرَسُوله إِنَّمَا يَأْمر بالصلاح لَا بِالْفَسَادِ لَكِن الرَّأْي يُصِيب تَارَة ويخطيء أُخْرَى، فَتبين أَن الْأَمر على مَا قَالَه أُولَئِكَ إِذْ لم يكن فِي الْخُرُوج مصلحَة لَا فِي دين وَلَا فِي دنيا بل تمكن أُولَئِكَ الظلمَة الطغاة من سبط رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى قَتَلُوهُ مَظْلُوما شَهِيدا...

 وَكَانَ فِي خُرُوجه وَقَتله من الْفساد مَا لم يحصل لَو قعد فِي بَلَده، فَإِن مَا قَصده من تَحْصِيل الْخَيْر وَدفع الشَّرّ لم يحصل مِنْهُ شَيْء، بل زَاد الشَّرّ بِخُرُوجِهِ وَقَتله وَنقص الْخَيْر بذلك وَصَارَ سَببا لشر عَظِيم وَكَانَ قتل الحسين مِمَّا أوجب الْفِتَن كَمَا كَانَ قتل عُثْمَان مِمَّا أوجب الْفِتَن " (13).

ويتحدث ابن تيمية عن ثورة أهل المدينة على يزيد بن معاوية فيقول: "وَأَمَّا مَا فَعَلَهُ بِأَهْلِ الْحَرَّةِ، فَإِنَّهُمْ لَمَّا خَلَعُوهُ وَأَخْرَجُوا نُوَّابَهُ وَعَشِيرَتَهُ، أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ يَطْلُبُ الطَّاعَةَ، فَامْتَنَعُوا". فأرسل لهم جيشا فأوقع بهم، ولكن لم تحدث الفظائع التي ينسبها المؤرخون إلى ذلك الجيش ويزعمون أنه ارتكبها في مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم (14).

*المصدر: كتاب: الدولة الأموية المفترى عليها د. حمدي شاهين

نقلا عن موقع قصة الإسلام 

--------------------------------‐‐----------------------------------

1- ابن الجوزي: الموضوعات، ضبط وتقديم وتحقيق: عبد الرحمن محمد عثمان، الناشر: محمد عبد المحسن صاحب المكتبة السلفية بالمدينة المنورة، الطبعة: الأولى، جـ 1، 2: 1386 هـ - 1966م، 2/ 15- 16.

14- ابن كثير: البداية والنهاية، الناشر: دار الفكر، عام النشر: 1407 هـ - 1986م، 8/ 120.

2- حسين مؤنس: هامش تاريخ التمدن الإسلامي لجرجي زيدان، 4/ 91، وليس دقيقا القول بأن ابن العربي أيد يزيد في قتله الحسين تأييدا مطلقا، بل التمس لقاتليه العذر حيث كانوا فيما يرى- يتأولون بعض النصوص الشرعية، التي تبيح قتل الخارج عن الجماعة. (انظر ابن العربي: العواصم من القواصم، طبعة وزارة الأوقاف السعودية، ص232- 233)

3-- الزركلي: الأعلام، الناشر: دار العلم للملايين، الطبعة: الخامسة عشر - أيار / مايو 2002م، 1/ 144.

 ☆ - ابن تيمية: منهاج السنة النبوية، تحقيق: محمد رشاد سالم، الناشر: جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الطبعة: الأولى، 1406 هـ - 1986م، 4/ 382.

4- الذهبي: المنتقى من منهاج الاعتدال في نقض كلام أهل الرفض والاعتزال، تحقيق: محب الدين الخطيب، 1/ 248- 249.

5- الذهبي: المنتقى من منهاج الاعتدال، 1/ 268.

6- الذهبي: المنتقى من منهاج الاعتدال، 1/ 249.

7- ابن تيمية: منهاج السنة النبوية، 4/ 443- 444. الذهبي: المنتقى من منهاج الاعتدال، 1/ 258.

8- ابن تيمية: منهاج السنة النبوية، 4/ 460. الذهبي: المنتقى من منهاج الاعتدال، 1/ 261.

9- ابن تيمية: منهاج السنة النبوية، 6/ 170. الذهبي: المنتقى من منهاج الاعتدال، 1/ 372.

10- ابن تيمية: منهاج السنة النبوية، 4/ 467. الذهبي: المنتقى من منهاج الاعتدال، 1/ 263.

11- ابن تيمية، مجموع الفتاوى، تحقيق: عبد الرحمن بن محمد بن قاسم، الناشر: مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، المدينة النبوية، المملكة العربية السعودية، عام النشر: 1416هـ/1995م، 35/ 72- 73.

12- ابن تيمية: منهاج السنة النبوية، 4/ 472، 4/ 557- 558. الذهبي: المنتقى من منهاج الاعتدال 1/ 266- 268.

13- ابن تيمية: منهاج السنة النبوية، 4/ 530- 531. الذهبي: المنتقى من منهاج الاعتدال 1/ 287- 288.

14- ابن تيمية: منهاج السنة النبوية، 4/ 575. الذهبي: المنتقى من منهاج الاعتدال، 1/ 292- 293.


-------------------------------------------------------------------

بهذه المقدمة العامة نبدأ معكم على بركة الله سلسلة تاريخ الدولة الأموية . 

تعليقات