القائمة الرئيسية

الصفحات

 



--------------------------------------------------------------------

قبل الحديث عن الدولة الفاطمية العبيدية الشيعية ينبغي الحديث عن الدول السنية التى عاصرتها أو قامت على أنقاضها هذه الدولة الشيعية و من بينها دولة الأغالبة مركزها تونس - و دولة الأدارسة بالمغرب - و الدولة الإخشيدية بمصر . كما ينبغي الحديث عن نشأة الشيعة و الباطنية .

--------------------------------------------------------------------

كان قيام دولة الأغالبة في إفريقية عام 184 هـ - 800م مرتبطا ارتباطا وثيقا بما كان يسود بلادها من اضطراب وفوضى وصراع مذهبي وثورات الجند العرب والبربر في الفترة الممتدة من خلافة هشام بن عبد الملك ( 105 هـ - 125 /724 م - 743م ) إلى نهاية الدولة الأموية 132 هـ /750 م [1].

--------------------------------------------------------------------

🔸لمحة سريعة عن إمارة إفريقية :

بعد أن انتصر المسلمون على الروم في موقعة سبيطلة ( 27 هـ -648م) بدأت ولاية إفريقية في الظهور عندما أنشا عقبة بن نافع مدينة القيروان ومسجدها الجامع فيما بين سنتي ( 50هـ - 55هـ / 670م - 675م )، قامت ولاية إفريقية الإسلامية ولاية مستقلة بنفسها، لها واليها لإدارتها المستقلة عن ولاية مصر.

وعندما تولى تلك الولاية حسان بن النعمان الغساني ( 71 هـ - 85 / 690م - 704م ) وضع أساس النظام الإداري لتلك الولاية الجديدة وكانت حدودها الجغرافية والسياسية مطابقة لولاية إفريقية البيزنطية، و إفريقية البيزنطية كانت تشمل ولاية طرابلس مضافا إليها إفريقية نفسها، وتقابل على وجه التقريب جمهورية تونس الحالية ثم جزءا مما عرف فيما بعد بإقليم الزاب عند الجغرافيين المسلمين...

وكانت إفريقية البيزنطية بهذه الحدود ولاية كبيرة تضم مساحة واسعة من الشمال الإفريقي، وإذا كنا نستطيع أن نحد حدودها الغربية بشكل دقيق نقول: إنها كانت تشمل إقليم قسطيلية وما يليه شمالا حتى ساحل البحر...

ويمتد غربا فيشمل النصف الشرقي من جبال أوراس وتقف عند حدود ما يعرف اليوم ببلاد القبائل في الجزء الشرقي من جمهورية الجزائر الحالية - فتدخل فيها قلعة لمبيزة أو قلاقل لمبيزة وباغاية وتصل إلى البحر فتشمل ولاية بيجيا الحالية وتصل إلى مجرى نهر شلف...

 ونظن أن هذه كانت حدود ولاية إفريقية في التنظيم الذي وضعه حسان بن النعمان [2].

وعندما تولى أمور إفريقية موسى بن نصير اللخمي أكمل هو وأولاده فتح المغرب الأوسط والمغرب الأقصى.

وفي أواخر الدولة الأموية ونتيجة لأحداث الفتنة المغربية الكبرى التي بدأت في المغرب من سنة 122هـ في ولاية عبيد الله بن الحبحاب واستمرت حتى نهاية العصر الأموي. والتي أخرجت بدورها المغربين الأوسط والأقصى عن السلطان الفعلي للخلافة الأموية.

واضح أن العباسيين عندما ورثوا الخلافة من الأمويين وجدوا أن دولتهم تمتد وتغطي مساحة شاسعة جدا لم تستطع قواهم أن تسيطر عليها سيطرة كاملة خاصة وأن انتقال مركز الدولة من دمشق إلى بغداد زاد من مسئوليتها الأسيوية، وفرض عليها مطالب جديدة لم تكن تشغل بال الأمويين بالصورة التي كانت عليها أيام العباسيين.

ونتيجة لذلك نجد أن العباسيين ركزوا جهدهم كله في المحافظة على ذلك الجزء الذي كان لدولتهم بصورة فعلية من إفريقية. ولم تتمكن الحكومة المركزية العباسية من أن تسيطر على ولاية إفريقية بسبب عدم الاستقرار فيها نتيجة للصراع الداخلي الذي شغل الخلافة العباسية، ولم يترك لها من الفراغ ما يمكنها من محاولة بسط سلطانها على بقية بلاد المغرب.

----------------

🔹 ولاية الأغلب بن سالم على إفريقية :

لما عُزل محمد بن الأشعث الخزاعي، أسند أبو جعفر المنصور ولاية إفريقية لزعيم من زعماء العرب وهو الأغلب بن سالم بن عقال التميمي [3]، وكان من كبار جند مصر، فسار الأغلب بن سالم وابنه إبراهيم إلى إفريقية غير أن زعيم الخوارج أبو حاتم تمكن من قتله وفر ابنه إبراهيم إلى منطقة الزاب بالمغرب الأوسط، وبدأ يمهد الأمر لنفسه.

------------------------------

🔹ولاية المهالبة على إفريقية :


أ - ولاية عمر بن حفص المهلبي :

انتهى رأي المنصور إلى تقليد ولاية إفريقية لرجل من ذوي الكفاية من بني المهلب بن أبي صفرة، وهو عمر بن حفص المهلبي سنة 151هـ،...

 فاشتدت الثورات عليه واتحدت الخوارج الصفرية والإباضية على قتال الجيش العباسي، وكتب عمر بن حفص بالنجدات من المنصور، ولكنه قُتل قبل أن تصله النجدات والتعزيزات سنة 154 هـ / 771م، واحتل أبو حاتم الإباضي القيروان سنة155 هـ/ 772 م، وهكذا تمكن الخوارج من السيطرة على إفريقية وأصبح تعداد أنصارهم ما يقرب 400.000 مقاتل.

ب - ولاية يزيد بن حاتم المهلبي :

 استخدم المنصور الحماس الديني ضد الخوارج باسم الجهاد، فاسند ولاية إفريقية ليزيد بن حاتم المهلبي، واستطاع أن يقمع ثورات الخوارج حتى عام 170 هـ، ...

مكث يزيد بن حاتم واليا على إفريقية حوالي خمسة عشر عاما، تعد من أحسن فترات عصر الولاة على إفريقية وأكثرها خيرا سواء في الناحية الاقتصادية أو الاجتماعية أو المعمارية،...

 فأعاد بناء المسجد الأعظم بالقيروان، وأعطى للفقهاء المالكية مكانة وأهمية كبيرة واعتمد عليهم في محاربة الخوارج، فكان يستشيرهم ويأخذ برأيهم، مما جعل إفريقية قاعدة للمذهب السني أو قاعدة للسنة على مذهب الإمام مالك بن أنس في بلاد المغرب [4].

ج - انتهاء ولاية المهالبة :

ولما توفى يزيد بن حاتم تقلد ولاية إفريقية بعده ابنه داود وظل داود مقيما في إفريقية حتى قدم عمه روح بن حاتم ليتقلد إمارة إفريقية من قبل هارون الرشيد....

ثم عزل الرشيد الفضل بن روح بن حاتم الذي تولى سنة 771 هـ / 793م ولم يمكث في حكمه إلا سنة ونصف تقريبا، وثار عليه جند إفريقية والمغرب لاستبداده بالسلطة، فقام عبد الله بن عبدويه الجارود قائد جند تونس، فتمكن من الاستلاء على السلطة وقتله سنة 178 هـ- 794م [5].

--------------------

🔹ولاية هرثمة بن أعين :

أرسل هارون الرشيد على إفريقية قائده هرثمة بن أعين، وكان شيخا مجربا في فن الحروب وحكم الولايات حكم هرثمة بن أعين إفريقية قرابة من العامين من (180هـ- 181 هـ /796 م - 797م) وخلال هذه الفترة القصيرة ساد إفريقية واستقرار، فعمل هرثمة على تجديد ما تخرب من المدن والموانئ والمنشآت؛ ليعيد ثقة الناس في الدولة العباسية، وقد تقرب إليه إبراهيم بن الأغلب فولاه الزاب [6].

--------------------------------

🔹ولاية محمد بن مقاتل العكي :

في سنة 181هـ ولَّى أمير المؤمنين الرشيد على إفريقية بعد هرثمة محمد بن مقاتل العكي، وكان رضيع الرشيد، ولم يكن محمود السيرة فيما تولى للرشيد من ولايات، ولذلك فإنه عندما دخل إفريقية لم يسر في حكمها بطريقة تعجب الناس، فاضطربت الأمور في إفريقية، فثار الشعب والجند ضده، كما ثار عليه واليه على تونس تمام بن تميم التميمي سنة 183 هـ.

--------------------------------------------------------------------

🚩 دولة الأغالبة في المغرب الأدنى (تونس)

          (184 ـ 296 هـ / 800 ـ 909م)


🔹ولاية إبراهيم بن الأغلب :

 في هذه الظروف برز إبراهيم بن الأغلب على مسرح الأحداث السياسية في إفريقية، فقد مكَّن للعكي في مقاتلة تمام بن تميم ومكَّن له، فعزل الرشيد أخاه محمد بن مقاتل العكي وولي مكانه إبراهيم بن الأغلب على إفريقية عام 184 هـ، وبدأ إبراهيم منذ توليته الإمارة على تأسيس دولة له ولأبنائه من بعده.

عرف الرشيد رغبة إبراهيم بن الأغلب، ومع ذلك فقد استبقاه في الإمارة بل ودعمه ما دام يعمل باسم العباسيين، وخاصة أن الرشيد كان مشغولاً بحرب الروم، وهجوم الخزر، ومشكلات المشرق...

 وفي الوقت نفسه يريد أن يحمي الأجزاء الغربية من الإمارات التي قامت في المغرب والأندلس من خوارج وأدارسة وأمويين، ولم يكن لدى الرشيد أسطول يحمي أقاليم البحر المتوسط فاكتفى بالإشراف على دولة إبراهيم بن الأغلب، ورأى ذلك خيرًا وأفضل من أن يخرجوا من إشرافه نهائيًّا كباقي الإمارات [7].

واستطاع إبراهيم بن الأغلب أن يحقق التزاماته نحو الخلافة فكون قوة عسكرية كبيرة من البربر المستعربة الذين عملوا كجند في الجيش الأغلبي كما استكثر إبراهيم بن الأغلب من الصقالبة، كذلك كون إبراهيم بن الأغلب قوة بحرية هائلة مكنت الأغالبة بعد ذلك من غزو صقلية ومالطة والسواحل الإيطالية...

 ولم يطمئن على حكمه إلا بعد أن تم له إنشاء كل هذه القوات خلال السنوات الأولى من حكمه لإفريقية، كما أقام إبراهيم الخطبة لبني العباس على المنابر ورفع شعار بني العباس، ودفع الخراج المقرر عليه وهو أربعون ألف دينار، ونقش اسم الخليفة على السكة، وشيد مدينة جديدة أطلق عليها العباسية ( القصر القديم ) تمجيدا لهم وتقع على بعد ثلاثة أميال جنوبي القيروان.

في عهد إبراهيم بن الأغلب ثار بتونس رجل من كبار رجالات العرب يسمى حمديس ونزع السواد شعار بني العباس، فأرسل إبراهيم قائد عمران بن مجالد في جيش كبير للقضاء على حركته، فالتقى عمران معه في معركة قرب تونس انهزم فيها حمديس وأنصاره، وقتل منهم نحو عشرة آلاف مقاتل، وتمكن عمران من دخول تونس، وبرغم أن عهد بن الأغلب لم يخل من الثورات والفتن ولكنها كانت لا تقاس بالثورات التي كانت تضطرم في إفريقية في العهود السابقة.

على أي حال تمكن إبراهيم بن الأغلب بفضل ما لديه من كفاءة وشجاعة وذكاء وقوة مؤيديه من الجماعات اليمنية والقيسية من أن يقيم دولة جديدة تمثل الدولة العباسية في بلاد إفريقية [8].

--------------------------------------------------------------------

[1] محمود إسماعيل: الأغالبة، ص9.

[2] انظر في ذلك: اليعقوبي: البلدان، ص345. النويري: نهاية الأب في فنون الأدب، جـ24/ 36.

[3] ذكر البلاذري أن الأغلب بن سالم كان من أصحاب أبي مسلم الخرساني، وفد مع القوات العباسية إلى مصر، وعرف بالشجاعة وحسن الرأي، ولقب بلقب الشهيد. انظر. البلاذري: أنساب الأشراف، ص350. السلاوي: الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى، جـ1/ 57.

[4] النويري: نهاية الأب في فنون الأدب، جـ24/ 86- 88. ابن الأبار: الحلة السيراء، جـ1/ 73. حسين مؤنس: معالم تاريخ المغرب والأندلس، ص75.

[5] الطبري: تاريخ الرسل والملوك، جـ8/ 272. ابن عذارى: البيان المغرب، جـ1/ 99- 106.

[6] الطبري: تاريخ الرسل والملوك، جـ8/ 323. ابن الأثير: الكامل في التاريخ، جـ6/ 154. ابن خلدون: تاريخ ابن خلدون، جـ4/ 419.

[7] محمود شاكر: التاريخ الإسلامي – الدولة العباسية، جـ 1/ 172 – 178.

[8] ابن عذارى: البيان المغرب، جـ1/ 117. ابن خلدون، تاريخ ابن خلدون، جـ4/ 419. السيد عبد العزيز سالم، تاريخ المغرب في العصر الإسلام، ص289، 334.

☆ موقع قصة الإسلام..دولة الأغالبة .27/5/2013

--------------------------------------------------------------------

تعليقات